الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

انحراف عالم القيم

ومن مظاهر انحراف عالم “القيم” في حياتنا أنّك تفتح التلفاز لتشاهد على قناة الأخبار تقريرا عن عشرات الضحايا في قصف على مخبز بسوريا.. جريمة نفّذها النظام البعثي هناك.. ثم تردف القناة هذا التقرير بفقرة “رياضية”، تطالعُنا فيها بآخر أخبار “ألعاب” كرة القدم!

إنّ منطلق انحراف عالم القيم هنا هو أنّ المعيار في تحديد المادّة المعروضة ومرتبتها ليس هو أهمّيّتها من ناحية القيمة الإنسانية، وإنما هو مدى ما تدرّ على القناة من “مشاهدين” (أي: “أرباح” بالمفهوم الإعلامي)، فالقيمة “الماديّة” طاغية بشراسة على القيمة الإنسانية، ولعل بعض الناس يظن أنّ القيمة الإنسانية طاغية؛ بسبب إدراج أخبار الحروب والقتل والخسائر البشرية في أول نشرة الأخبار، ولكن الواقع المؤسف أنّ إدراجها في أول النشرة لا يبعد أن يكون بدافع ما عند الناس من قيم إنسانية تدفعهم للمتابعة والاهتمام بهذه الأحداث، فالمعيار هو هو لم يتغير..

وحين يأتي اليوم الذي تموت فيه القيمة الإنسانية من غالب النفوس – نسأل الله السلامة – فلن يكون من الغريب أن نشاهد أخبار الألعاب الرياضية والنشاطات الترفيهية هي التي تحتلّ سلّم الأولويّات في قنواتنا “الإخبارية”!

فالمشكلة في “المعيار” الذي يحدّد لنا منطلقاتنا وأهدافنا وأنماط تفكيرنا وسلوكنا.. وما لم تتجه جهود المربّين والدعاة إلى تنمية عالم “القيم” في النفوس والعقول، وترسيخه بكدّ وجهد جهيد، فإننا لن ننتظر وقتئذٍ إلا عالمًا أشدّ ظلمة.. وإلا شعلة “للإنسانية” تخبو قليلا قليلا حتى تكاد أن تنطفىء لولا لطف الله عزّ وجلّ بنا.

ليست هناك تعليقات: