الثلاثاء، 13 نوفمبر 2012

من القيم الفاشلة في مجتمعاتنا

.

.

من القيم الفاشلة في مجتمعاتنا

.

من أهمّ مشكلات الخطاب في واقعنا:

.

- العموميّات: بحيث لا يتمّ تحديد تطبيقات عملية للفكرة المطروحة، بل تطرح الفكرة على شكل نظريّة مجرّدة بعيدًا عن تفصيلات الواقع المعاش، ودون إسقاطها على مناط محسوس.

- إلقاء الدعاوى دون الاستناد إلى أدلّة: فكلّ يدّعي وصلا بليلى، وكلّ يدّعي أن كلامه حقّ، لكن دون أن يقيم الدليل العلمي الموضوعي أو الشرعي على كلامه.

- نموذج واقعي من المشكلة الأولى: يطرح الكثير من الإسلاميّين فكرة “تطبيق الشريعة”، ولكنّ الكثير ممّن ينادي بهذه الفكرة ويريد إقناع غيره بها، يتلعثم في الحديث حين يُسأل عن الصيغة العملية التطبيقية لهذه الفكرة، ولا يدفعه ذلك إلى الاستدراك على نفسه والتوجّه نحو المزيد من العلم الشرعي والمعرفة بالواقع حتّى يرسخ في نفسه النموذج الواقعي لتطبيق هذه الفكرة، بل يمعن في تجاهله لأهميّة الموضوع، ويظلّ يغرّد بشعاراته بعيدًا عمّا يقتضيه الواقع من ضرورة معرفة الصيغ التطبيقية للأفكار التي ينادي بتطبيقها في الواقع!

- نموذج واقعي من المشكلة الأخرى: خلال الإبحار في عالم الإعلام وعالم آراء القراء والجماهير نجد الكثير من الأفكار المغلوطة التي يتداولها بعض العامّة عن حقيقة أمر ما أو واقع قضيّة ما، فيحملون تجاه هذه القضيّة بعض المعتقدات البعيدة عن واقعها الحقيقي، فعلى سبيل المثال: يقول أحد الناس إنّ الشيخ الفلاني كان ممّن يحرّمون الخروج على الحاكم قبل الثورات، وها هو الآن “يحلّلها” ليشارك في مكاسبها! مع أنّ الحقيقة أن الشيخ المذكور قد يكون أحد من اضطهدوا قبل الثورة، وممّن كانوا أشد المحرّضين على إسقاط نظام الحكم والخروج عليه! ولكن إذا ما استفسرت حول سبب المعتقد المغلوط لذلك الرجل في الشيخ لرأيت أنه صنّفه من خلال مظهره أنه “سلفي”، وكان في عقله ظنّ زرعه الإعلام العلماني الفاسد أنّ كلّ السلفيّين كانوا يحرّمون الخروج على الحاكم! وفي حقيقة الواقع: لا الشيخ سلفيّ، ولا كلّ السلفيّين يحرّمون الخروج على الحاكم!

هاتان مشكلتان أراهما عيانا كلّ يوم تقريبا، في الكثير من النماذج وليس حصرًا في النماذج المذكورة، وأرى أنّهما من “القيم الفاشلة” التي تنخر في مجتمعاتنا، والواجب تجاهها هو العمل على إصلاحها قدر الإمكان، عن طريق الخطاب الدعوي والتربوي، والاستمرار في طرح هذه المشكلات، ومعالجة نماذج واقعيّة لها، وتربية النشء على تلافيها والابتعاد عن الوقوع فيها، بترسيخ مهارات التفكير “التطبيقي”، الذي يتجاوز التفكير “النظريّ” المجرّد، وترسيخ “المنهج العلميّ” في العقول، بحيث يكون الدليل العلمي والموضوعي أهمّ ما ينبغي أن يُستحضر خلال طرح أيّة قضيّة وبحث أيّة مسألة.

والله الموفّق والمستعان.

ليست هناك تعليقات: