الجمعة، 2 نوفمبر 2012

لقاء المحب الهادئ كالنسيم

في تلك الليلة

وعلى ضوء خافت يأتي من بعيد

يتسلل خوفا وخجلا وينير جزءا ضئيلا يلتمس به البصير الطريق

كنت وحيدا

أستمع لصوت دقات قلبي التي تكاد أن تبدي ما بها من ضيق

تجاهلت ذكرياتي

وأمسكت بغصن شجرة بالي وأخذت أحرك تلك الجمرات التي أمامي وتملكني الخوف

لم أعد أشعر بدفء بقايا النار التي أمامي

لم اعد أحتمل

تعود بي ذكرياتي

أسترجع شريط حياتي

يا إلهي

لقد هربت من ذاتي

لا . . لا أريد العودة إلى الماضي

اتركيني وارحميني يا ذكرياتي

لقد عشتي حاضري وتمنيتي زوالي

فكيف بكي تعودين لتتمني فنائي


سامحيني يا ذكرياتي ستهمد نارك كالجمر الذي أمامي

وسيبزغ فجري الذاتي

فجر قلبي . . المسكين ذاب وذاب وكأنه يتيم

نقلتني خطواتي لمنبت حياتي عبر ذلك الطريق

تذكرت فيه يدان تشابكتا ببسمة أمل وحب ونغم وتحية صديق

التفت إلى يدي التي ارتجفت مع ذكرى أليمة عادت من جديد

إنها لا ترحمني

ولا تأبى أن تفارقني

نفضت تلك الذكرى من رأسي

وذهبت عيوني إلى صوت الصديق

تذكرته ونقلتني خطواتي إليه . . كم أشتاق إلى جلساته

كم أشتاق إلى كلماته

مددت يدي إلى بابه وطرقت الباب

أم حنونة فتحت لي الباب

نظرت إليها وابتسمت

بدت الدهشة على وجهها القمري وقالت : أنت


نعم هذا أنا ويا أمي لا داعي للعتاب

فإني نسيت الأصحاب

شغلتني همومي وآلامي

ولكن حين استيقظت

رأيت أمام ناظري ظل الأصحاب

أيام طفولتنا وشقاوتنا وتلك الألعاب

رأيت شارعا مبتلا بمطر الشتاء وتلك الطفلة صاحبة الابتسامة والخدود الحمراء

وآه يا أمي من طفلتي صاحبة العيون السوداء

تركتني وذهبت ومن يومها كل أيامي عناء

نادي على صاحبي وأخبريه أن المعذب قد جاء

صاحبي . . اشتقت إليك كما لم أشتاق

ما بال صوتك ونظرتك يا أرق الأمهات

وما بال صاحبي أنتظره بشوق وقد غاب

فهمت ردك يا أمي . . صاحبي قد غادر الأصحاب

مثلي . . همومه وآلامه أكبر منه ونقش أسمه بين العذاب

يا صاحبة الوجه الخمري عودي كذكراكي فالألم قد جاء

غيومك تمطرني سهاما لتغرس في قلبي أوتادا لخيام

فأسميته صحراء

حبيبتي . . أنا ذاك الحب

أنا ذاك الدمع

أنا ذاك ملهمك , وملهمك في الأمس قد بات

عودي إلى حاضري , ولنرسم أحلامنا

لنرسم بسمة شفاهنا بأيدينا

فالذكرى أقوى عذاب

لا تتركيني وحدي ليلا

فأني حقا من الليل أخاف


لا تتركيني وحيدا فالوحدة تقتل ولا تهاب

كيف أرسل شوقي إليكي

كيف أدق بابا لقلبك قد ضاع

أين أنتي وكيف أبحث عنكي , أأترك الذكرى منكي

لتعذبني . . لتقتلني . . أجيبيني , ما هي الأسباب

ماذا أبعدك عني ألم تكوني صاحبة عيون سوداء

رسمت بها ليلي وقمري وضحكي وحبي الذي ذاب


صدقيني يا محبوبتي حبيبك قد اعتذر وعاد

فأين هو لقاءك لقاء المحب الهادئ كالنسيم إذ جاء

ليست هناك تعليقات: