الأحد، 3 مارس 2013

نشأة وتاريخ المسجد النبوي الشريف

المدينه المنوره


من أسماءها يثرب :


قيل سميت بذلك ، لأن أول من سكنها بعد الطوفان هو يثرب بن قانية بن مهلابيل بن آرم بن عبيل بن عوض بن أرم بن سام بن نوح .


نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن تسمية المدينة بيثرب ، لأنها مأخوذة من الثَّرب ، وهو الشتم والسبّ ، وفي الحديث : " من سمى المدينة يثرب فليستغفر الله وهي طابة " .


ومن أسمائها أيضاً


أرض الله


: لقوله تعالى : { ألم تكن أرض الله واسعةً فتهاجروا فيها } ، ذكر مقاتل والثعلبي وغيرهما : أن المراد بها المدينة المنورة .


ومن أسمائها


حَسَنَة


: لقوله تعالى : { لنبوئنهم في الدنيا حسنة } ، قال المفسرون : هي المدينة.


ومن أسمائها


أكّالة القرى


: لحديث الصحيحين : " أُمْرتُ بقرية تأكل القرى " .


ومن أسمائها


الحبيبة


لحبه صلى الله عليه وسلم لها : " اللَّهم حبّبب إلينا المدينة كحبنا لمكة أو أشد " .


ومن أسمائها



حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم



في الحديث : " من أخاف أهل حرمي أخافه الله " .


ومن أسمائها



طابة وطيبة


.. ولها أسماء كثيرة .





أول من سكن المدينة :


أولاً :


قيل إن بني قيلة وهم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين اختصهم الله بتلك الصحبة ، والنصرة لرسول الله صلى الله عليه وسلم ، خرجوا خوفاً من سيل سد مأرب ،


ونزلوا على يهود بيثرب ، ذلك أن جدَّهم كان ملكاً على أهل مأرب ، من بني كهلان وحمْير ابني سبأ ، وكان له من الأموال والقصور ما لم يكن لأحد ، فرأى أخوه عمران ، وكان كاهناً أن بلادهم ستخرب ، فذكر له ذلك ، فاحتال على قومه حتى باع أملاكه ، وخرج من البلاد قبل خرابها ، وخرج معه بعض قومه فنزلوا بيثرب على اليهود ، فساموهم الخسف أول الأمر ، حتى أنقذهم مالك بن العجلان من ذلك في خبر يطول ذكره .


ثانياً :


قيل إن الأنصار من بقية علماء كانوا مع الملك تُبّع أسعد أبي كريب ، الذي حارب المدينة فعجز عنها ، وأخبره العلماء بأنها مهاجر آخر نبي ، فتركها ونقش رسالة في لوح من الحديد ، أمر أن يوصل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلم يزل يعطيه هذا لهذا إلى أن أعطاه أبو أيوب الأنصاري لرسول الله صلى الله عليه وسلم ،


وكان منقوشاً فيه :


شهـدتُ لأحمـد أنـه نبي من الله باري النسم
فلو مد عمري إلى عمره لكنت وزيراً له وابن عم.


وقد أكثر النسّابون والإخباريون فيمن سكن المدينة ، واختلفوا في ذلك اختلافاً كثيراً ، ولكن من الثابت عند الجمهور أن أكثر سكان طيبة الطيبة هم أنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم ، بغض النظر عن الظروف التي أوصلتهم إلى المدينة .


فضل المدينة :


لا مراء بين علماء المسلمين على فضل مكة والمدينة على جميع بقاع الأرض ، وورد في فضلها الكثير ، ويكفي المدينة من الشرف والفضل أنها دفن بها أفضل خلق الله ، رسول الله صله الله عليه وسلم ، وبها بقعة من الجنة يقيناً ، لقوله صلى الله عليه وسلم :


" ما بين بيتي ومنبري روضة من رياض الجنة " .


وقد صحّ عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال :


" لقاب قوس أحدكم في الجنة خير من الدنيا وما فيها " .


وقد أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم بالموت فيها لنيل شفاعته ، فقال صلى الله عليه وسلم :


من استطاع منكم أن يموت بالمدينة فليفعل فإني أكون له شهيداً وشفيعاً يوم القيامة " .


وفي الحديث :


إن الإيمان لرأز إلى المدينة كما ترأز الحية إلى جحرها .


وأحاديث تحريم المدينة كثيرة جداً ، منها ما أخرجه مسلم عن عامر بن سعد عن أبيه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


إني أحرم ما بين لابتي المدينة أن يقطع عُضاهها أو يُقتل صيدها " .




وقال صلى الله عليه وسلم :


المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون ، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه ، ولا يثبت أحد على لوائها وجهدها إلا كنت له شفيعاً وشهيداً يوم القيامة " .


وجاء أيضاً في الحديث الذي رواه البخاري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :


حرم ما بين لابتي المدينة على لساني " .



حدودها وحرمها :


حرّم النبي صلى الله عليه وسلم ما بين لابتي المدينة ، اللابتان : الحرتان الشرقية والغربية ، قال ّ نقلاً عن المازري : وقال الأصمعي :


اللابة :


ذات الحجارة السود ، وجمعها في القلّلة لابات ، وفي الكثرة لوب .


وجاء في الحديث عنه صلى الله عليه وسلم :


" ما بين لابتي المدينة حرم ، ومن انتهك حرمة شيء من ذلك فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين " .


وحدود المدينة :


من عير جنوباً إلى ثور شمالاً .



عير : جبل في الناحية الجنوبية من المدينة ، ويقع بالقرب من الميقات ( آبار علي ) .


وثور شمالاً :


جبل صغير خلف جبل أحد ، يأتي على يسار المتجه من المطار عن طريق غير المسلمين .


وحرمها من الشرق إلى الغرب ما بين الحرتين الشرقية والغربية .


والصلاة في مسجد النبي صلى الله عليه وسلم مضاعة الأجر ، لقوله صلى الله عليه وسلم :


" صلاة في مسجدي هذا خير من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام " .



غير أن مضاعفة الأجور في الحرمين الشريفين ، المنصوص عليها في الحديث آنف الذكر وغيره ، تختلف في المسجدين المكي والمدني .


ولا شك بين علماء المسلمين أن مضاعفة الأجر في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم مشروطة بوقوع الصلاة به ، وليس هناك دليل على مضاعفة الأجر في حرم المدينة ، وليس كذلك بالنسبة لحرم مكة المكرمة ، ذلك أن مضاعفة الأجر حاصلة بنص الحديث للمسجد الحرام.


وحرم مكة جميعه يطلق على المسجد الحرام ، بدليل قوله تعالى : { إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام .. } الآية ، ومعلوم أن الصلح وقع بالحديبية على حدود حرم مكة ( وقريب الشيء يُعطى حكمه ) ، وبدليل قوله تعالى : { سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام .. } الآية ، وأصح الأقوال أن الإسراء وقع من هضبة أجياد من بيت أم هانيء بنت أبي طالب ، وبدليل قوله تعالى : { ولا تقاتلوهم عند المسجد الحرام حتى يقاتلوكم فيه ..} الآية ، ومعلوم أن حرمة القتال واقعة في جميع حرم مكة .


وكذلك يُطلق مقام إبراهيم أيضاً على جيمع حرم مكة ، بدليل قوله تعالى : { مقام إبراهيم ومَن دَخَلَه كان آمناً } . ومعلوم أن الأمن حاصلٌ لكل من دخل حرم مكة ، إلأ غير ذلك من الأدلة أن حرم مكة كله يُطلق عليه المسجد الحرام ، وأن مضاعفة الأجر حاصلة بالنص في المسجد الحرام .


وقد ذكر ابن القيم في " زاد المعاد " : ( أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أيام مقامه بالحديبية كان يتحرى بصلاته حتى يتجاوز أعلام الحرم ، فإن صح ذلك كان دليلاً واضحاً أن مضاعفة الأجر حاصلة في جميع حرم مكة ) .


قدوم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة :


قدم صلى الله عليه وسلم المدينة المنورة يوم الاثنين ثاني عشر ربيع الأول ، فنزل في قباء عند كلثوم بن الهدم ـ رضي الله عنه ـ ومكث بقباء أربعة أيام كان يجلس فيها للناس بدار سعد بن خيثمة ، شهيد بدر ، وكانت داره ـ رضي الله عنه ـ تُدعى " دار العزَّاب " ، وفي هذه الأيام علَّم صلى الله عليه وسلم موضع مسجد قباء بأحجار ، وكان يصلي فيه ، وفي يوم الجمعة توجه من قباء إلى المدينة ،


فاعترضه بنو سالم بن عوف وقالوا : عندنا يا رسول الله صلى الله عليه وسلم في العز والمنعة ، فمكث عندهم ذلك اليوم ، وصلَّى بهم الجمعة ببطن رانوناء ، فهي أول جمعة صلاها رسول الله صلى الله عليه وسلم ،


وفي آخر ذلك اليوم توجَّه إلى المدينة ، فكان لكما مرّ بحي من الأنصار مسكوا بزمام راحلته ، وقالوا : إلينا يا رسول الله في العز والمنعة ،


فيقول صلى الله عليه وسلم :


" دعوها فإنها مأمورة "


يعني ناقته ، حتى وصل إلى محل مسجده صلى الله عليه وسلم ، فبركت الناقة ، ثم قامت وذهبت إلى منزل أبي أيوب فبركت ، ثم قامت فرجعت إلى الموضع الذي بركت فيه أول مرة فبركت ، ثم حلحلت فنزل عنها صلى الله عليه وسلم ، وأخذ أبو أيوب بخطامها إلى منزله ، فقضى صلى الله عليه وسلم بدار أبي أيوب سبعة أشهر .


وبعد أسبوعين فقط من مقدمه المدينة اشترى مربداً وكان ليتيمين من بني النجار ، كانا في حجر عوف بن عفراء ، هما : سهل وسهيل ، اشتراه بعشر أوقا ، وشيّد فيه مسجده ، واشترك في بنائه مع أصحابه رضوان الله عليهم ، فكان بعضهم أُثناء بنائه يرتجز بقوله :


لئن جلسنا والنبي يعمل لكان منا العمل المضلل .


جعل صلى الله عليه وسلم أساس ذلك البناء من الحجارة ، وأقام جدرانه من اللبن ، وأعمدته من جذوع النخل ، وسقَّفه بالجريد ، وكانت قبلة المسجد النبوي إلى بيت المقدس في الجهة الشمالية.


وبلغت مساحته سبعون ذراعاً في ستين ذراعاً ، وارتفاعه خمسة أذرع ، وكانت له ثلاثة أبواب ، وتتوسطه رحبة .


وفي العام السابع من الهجرة ، وبعد فتح خيبر ، كثر عدد المسلمين وأخذت الدعوة في الانتشار والنماء ، واستعت رقعة الأرض الإسلامية ، فازداد روّاد المسجد النبوي وضاق بالمصلين ، فزاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناحية الشرقية ، والغربية مائة ذراع في مائة ذراع ، ورفع جدرانه سبعة أذرع ، وبذلك بلغت مساحته 2475م2 .


وصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الجهة الشمالية ، نحو بيت المقدس سبعة عشرة شهراً ، وبعد تحويل القبلة سُدَّ الباب الجنوبي في المسجد ، فأصبح للمسجد ثلاثة أبواب : باب من الشمال ، وباب في الشرق ( باب جبريل ) ، وباب في الغرب ( باب عاتكة ) .


وكان النبي صلى الله عليه وسلم يُشارك أصحابه عمارة المسجد كما تقدّم ذكره ، فكان ينقل الحجارة واللبن حتى أغبر صدره الشريف ، وبزيادته صلى الله عليه وسلم لمسجده يكون قد سنَّ لمن بعده الزيادة في المسجد إذا احتيج إلى ذلك .


في الأثر عن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ : " لو مُدَّ مسجده صلى الله عليه وسلم إلى صنعاء لكان مسجده " ، وظل المسجد النبوي في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم غير مفروش ، فاستحسن رسول الله صلى الله عليه وسلم فرْشَه بالحصباء ، وكان المسجد في عهده صلى الله عليه وسلم يُضاء في الليل بإيقاد سعف النخل فيه ، وظل على ذلك تسع سنين تقريباً ، حتى قدم تميم الداري إلى المدينة المنورة في سنة تسع من الهجرة ، فوجد المسجد يُضاء بسعف النخل ، وكان قد أحضر معه قناديل وحبالاً وزيتاً ، فعلق تلك القناديل بسواري المسجد ، وأوقدها فأضاءت المسجد ، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم :


" نوّرت مسجدنا نور الله عليك " .



وفي الحديث : " إن المسجد كان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مبني باللبن ، وسقفه بالجريد ، وعمده من خشب النخل ، فلم يزد فيه أبو بكر شيئاً ، وزاد فيه عمر وبناه على بنائه في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم باللبن والجريد وأعاد عُمَده خشباً .



التوسعات التي عرفها المسجد النبوي إلى الآن


أولاً :


توسعة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه :


أجمع المؤرخون أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ زاد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم في عام سبعة عشر من الهجرة من الجهات الثلاث : الجنوبية ، والشمالية ، والغربية .


فأدخل دار العباس بن عبد المطلب ـ رضي الله عنه ـ في المسجد ، وأبدل أساطينه بأخرى من جذوع النخل ، وسقفه بالجريد ، وجعل له 6 أبواب : بابين عن يمين القبلة ، وبابين عن شمالها وبابين خلفها ، وبلغ ارتفاع الجدران 11 ذراعاً .


وقدرت زيادة عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ 1100م2 ، بحيث أصبحت مساحة المسجد النبوي 3575م2 ، وقد اشترى عمر ـ رضي الله عنه ـ ما حول المسجد من الدُّور وعوّض أهلها من بيت مال المسلمين ، وكان سبب التوسعة في عهد عمر ـ رضي الله عنه ـ إلحاح المسلمين عليه بذلك .


وكان عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أول من طّيب المسجد بالطيب ـ أي : بخَّره ـ .


وذكر السمهودي في " وفاء الوفاء " : أن عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ أتى بمجمرة من الفضة ، ودفعها إلى سعد ـ أحد المؤذنين ـ وقال : أجمر بها في الجُمع وشهر رمضان ، وكان سعد يجمَّر بها في الجُمع ، وكانت توضع بين يدي عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ .


ثانياً :


توسعة عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ :


زاد عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم لثلاثة أسباب :


( أ ) ضيق المسجد وشكوى الناس من ذلك .


( ب ) تفتت الجذوع التي كانت تحمل السقف .


( جـ ) رغبته ـ رضي الله عنه ـ في تعظيم الأجر من الله تعالى .


وقد اختلف المؤرخون في السنة التي وسّع فيها عثمان ـ رضي الله عنه ـ المسجد ، ومن أضبط تلك الروايات رواية ابن النجار ، قال : ففي سنة تسع وعشرين من الهجرة ، بدأ عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ توسعة المسجد ، فبناه بالحجارة ـ المنقوشة ـ


وسقفه من خشب الساج ، فكانت زيادته من ناحية القبلة ، ومن الغرب ، ومن الشمال ، وجعل أعمدته من الحديد ، وصب فيها الرصاص . وبلغت زيادة عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ 496ك2 ، فأصبحت المساحة الإجمالية للمسجد 4071م2 .


ثالثاً :


توسعة الوليد بن عبد الملك :


زاد الوليد في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الناحية الغربية ، الشرقية ، والشمالية ، وكثير من المؤرخين يرى أن زيادة الوليد كانت من الناحية الغربية فقط .


كما أدخل دور زوجات الرسول صلى الله عليه وسلم في المسجد ، وقد طلب الوليد بن عبد الملك من ملك روما العون في بناء المسجد النبوي بالعمال والفسيفساء ، فبعث إليه بأحمال من الفسيفساء وبثمانين عاملاً ، وثمانين ألف دينار ، وسلاسل تعلَّق فيها القناديل .


فبنى الوليد المسجد من الحجارة المنقوشة ، وجعل سواريه من الحجارة المطابقة ، وخشِّبت بالحديد والرصاص ، وزخرف حيطانه .
وبلغت زيادته حوالي 2369م2 ، فأصبحت مساحة المسجد 6044م2 ، وجعل فيه أربع مآذن ، وكان ذلك ما بين عامي 91 ، 93 من الهجرة ، وكان ذلك على عهد عامله على المدينة عمر بن عبد العزيز .



رابعاً :


توسعة المهدي بن جعفر المنصور :


زاد المهدي العباسي في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم من سنة مائة وواحد وستين إلى عام مائة وخمسة وستين هجرية ، فأدخل فيه دار مُلَيْكة ، ودار شرحبيل بن حَسَنَة ، والباقي من دار القرّاء ، ودار المسْور بن مخرمة ، وكانت هذه الدور شمال المسجد النبوي ، فأدخلها فيه وعوّض أهلها .


وبذلك بلغت الزيادة المهدية للمسجد النبوي 2450 م2(3) ، وأصبحت مساحة المسجد النبوي 8890 م2 ، وزخرف المهدي المسجد بالفسيفساء .


ومنذ ذلك الحين لم تُجر للمسجد النبوي زيادة تُذكر بعد زيادة المهدي العباسي ، إلا أنّه في سنة ستمائة وأربع وخمسين شبّ حريق أتلف الكثير من المسجد ،


فعلم الخليفة العباسي المستعصم في بغداد بذلك ، فبادر بعمارة المسجد النبوي في عام ستمائة وخمسة وخمسين هجرية ولكن سقوط بغداد قَتْل الخليفة العباسي حال دون تتميم عمارة المسجد النبوي .


فقام خلفاء المسلمون بمصر واليمن بالتعاون على إعادة بناء المسجد النبوي ، وذلك دون زيادة ، فانتهت هذه العمارة في عهد الظاهر بيبرس ، ثم رمم الناصر محمد بن قلاوون سقف المسجد من الجهتين الشرقية والغربية ، وزاد رواقين في القسم الجنوبي .


وفي عام ثمانمائة وأربعة وخمسين جدّد جَقْ بعض أجزاءسقف المسجد ، وتلا ذلك عدّة تجديدات للسلطان الأشرف قايتباي .


خامساً :


توسعة السلطان قايتباي :


وفي 13 رمضان من عام ثمانمائة وستة وثمانين وقَعَت صاعقة على المنارة الرئيسية ، مما تسبب في إشعال النار في المسجد ، ولم يستطع أهل المدينة إخمادها إلا بعد جهد وعناء ، وبعد ذلك أمر السلطان قايتباي بتوسعة المسجد ، فبادر بإرسال الشمس بن الزمان مع عدد من العمال والصنّاع المهرة ، وجهّز الآلات والمؤن ، وعمّر المسجد النبوي ، وزاد قليلاً في عرضه ، وقام بتوسعة المحراب العثماني ، وبلغ عدد الأعمدة للمسجد بعد عمارة قايتباي 296 عموداً ، وأصبح عرض المسجد 167 ذراعاً وطوله من القبلة إلى الشمال 253 ذراعاً ، وعرضه من المؤخرة 135 ذراعاً .


وقد قدرت الزيادة في عمارة قايتباي بحوالي 120 م2 ، وبذلك أصبحت مساحة المسجد النبوي إجمالاً 9010 م2 ، وتمت هذه العمارة في سنة ثمان وثمانين وثمانمائة من الهجرة ، وبعد تلك العمارة لم تجر على المسجد زيادات بل كانت بعض الترميمات حتى توسعة السلطان عبد المجيد .



سادساً :


توسعة السلطان عبد المجيد :


مضت على عمارة المسجد النبوي ما يقارب على أربعمائة سنة ، بعد عمارة قايتباي بدون تجديد ، فآلت سقوف المسجد للخراب والسقوط ، فشقَّ ذلك على أهل المدينة المنورة فأخبروا السلطان عبد المجيد رحمه الله ، فأمر في عام خمسة وستين ومائتين وألف هجرية ببناء المسجد النبوي من جديد ، وعلى أحدث طراز ، فجهز المهندسين والخبراء ، والبناءين والحجَّارين بلك ما يلزم لذلك من المؤن والنقود والآلات .


واستخدمت في هذه العمارة الحجارة المنحوتة من جبل غرب وادي العقيق ، واستبدلت القباب عوضاً من السقوف الخشبية ، وزخرفت هذه القباب بأصناف الصور الطبيعية ، وكتب بداخلها بعض الآيات القرآنية ، وكتب على الجدران بعض الآيات والأحاديث النبوية .


كما أقيمت الأعمدة الحجرية تحمل عقوداً مزينة بالزخارف ، وتحمل العقود قباب المسجد ، وبُنيت في المسجد مآذن لا زالت اثنتان منها قائمة حتى الآن ، بعد التوسعة السعودية ، إحداها فوق باب جبريل وتسمى المأذنة الرئيسية ، والأخرى على باب السلام ، وشيّدت العمارة العثمانية بكل عناية وإتقان على أجمل فن من الفنون المعمارية ، ولا يزال منها بالمسجد قسمه الجنوبي . وقد نُقشَت جدرانه وسقوفه بزخارف بديعة ، وطُلي بالدهان الأحمر ، وبلغ عدد الأعمدة في العمارة العثمانية 327 عموداً .


وكان للمسجد في التوسعة العثمانية خمسة أبواب في غاية من الروعة والإبداع والإتقان ، وبقى منها اليوم قائم الذات ، بعد العمارة السعودية ، باب جبريل عليه السلام ، وباب الرحمة ، وباب السلام ، وباب النساء .


بدأت العمارة العثمانية في عام خمسة وستين ومائتين وألف وانتهت في عام سبعة وسبعين ومائتين وألف من الهجرة ، وكانت الزيادة العثمانية في المسجد النبوي تقدر بـ 1294 م2 ، وأصبحت بذلك مساحة المسجد النبوي الإجمالية 10303 م2 .


وكانت العمارة العثمانية تتميز باللون الأحمر ، واليوم بعد إكمال العمارة السعودية ، تم دهان المتبقي من العمارة العثمانية بالدهان الأبيض للتنسيق بين العمارتين والاستفادة من زيادة الإضاءة ، وبقية العقود بالدهان الأحمر إشارة إلى ما كانت عليه العمارة العثمانية .





سابعاً :


توسعة الملك عبد العزيز آل سعود :



منذ أن تولى الملك عبد العزيز حكم الحجاز أوْلى كامل الاهتمام والعناية بالحرمين الشريفين ،


فوجه كتاباً مفتوحاً إلى عامة المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها في الثاني عشر من شهر شعبان عام 1368 من الهجرة يُبشرهم بعزمه على توسعة المسجد النبوي .


فصدر بذلك الأمر الكريم من المغفور له الملك عبد العزيز بن عبد الرحمن بتوسعة المسجد النبوي على نفقته ،


وبدأ التنفيذ في الخامس من شهر شوال من عام 1370 هجرية . فأول ما بُديء به هدم الدور المحيطة بالمسجد بالجهات الثلاثة : الشرقية والغربية والشمالية . وفي 11 شعبان من عام 1372بُديء في حفر الأساس من الجهة الغربية بمنطقة باب الرحمة .


وفي 16 من ربيع الاول عام 1373 وضعت أربعة أحجار من الرخام البني والأبيض بإحدى زوايا الجدار الغربي بالمسجد ، وفي نفس السنة شُرع في حفر الأساس .


كما أنُشئ لهذا المشروع مكتبٌ خاصٌ يضم أكثر من خمسين موظفاً يقومون بالأعمال الإدراية والحسابية والهندسية ، وكل ما يلزم لإنجاز التوسعة على أحسن حال ، وأُلُفت لجنة من وجهاء المدينة لتقدير قيمة العقارات التي دخلت في التوسعة .


كما أقيم مصنع في أبيار علي لصناعة الأحجار الصناعية اللازمة للتوسعة ، وزوِّد هذا المصنع بالمختصين من المهندسين والعاملين من الجنسيات المختلفة ، وكان ميناء ينبع لا يعرف الكلل ، يستقبل ليل نهار البواخر المحملة بالمواد اللازمة لتوسعة بناء الحرم النبوي الشريف .


ويقدر ما نقلته تلك البواخر من المواد أكثر من 30 طناً عن طريق البحر بواسطة ناقلات كبرى أعدت لذلك .


وشملت عمارة المسجد النبوي في التوسعة السعودية الأولى 12.271م2 ، منها 6247 م2 أزيلت من عمارة السلطان عبد الحميد العثماني و 6024 م2 زيدت عليها ، وبذلك أصبحت مساحة المسجد النبوي الشريف 16.327 م2 ، وما بقي من العمارة العثمانية 4056 م2 .



وبلغ عدد الأعمدة في العمارة السعودية الأولى 474 عموداً مربعاً ، و 232 عموداً مستديراً ، وأقيم كل عمود على قاعدة مربعة ، وينتهي كل عمود بتاج من الزخارف الجصية ، وتحمل الأعمدة منابت العقود ، والأعمدة بنيت من الأسمنت المسلح ، وغُطيت قواعدها بالرخام الأسود ، وطُليت الأعمدة باللون الأبيض ، وغُطيت رءوسها بشبكة من النحاس الأصفر ، ووضعت فوق كل منها 8 مصابيح نحاسية أُلصقت في أربعة جوانب .


كما بلغ عدد العقود 689 عقداً منقوشة الشكل بُنيت من المسلح ، وغُطيت هذه العقود بالحجر الصناعي المزخرف ، وتحمل العقود سقوف المسجد ، وغُطيت السقوف بالحجر الصناعي ، ورُوعي في ذلك استخدام اللون الأبيض المزخرف بالأشكال الهندسية .


وبلغ طول الجدار الشرقي 128م ، وطول الجدار الغربي 128م ، وطول الجدار الشمالي 91م ، وبلغ عدد الأروقة في القسم الشمالي 5 أروقة ، و3 أروقة في الجانب الشرقي ، و 3 أروقة في الجانب الغربين ، و 3 أرقوة في الوسط ، وحصوتين ، وبلغ عدد النوافذ 44 نافذة حُلِّيت بزخارف عربية جملية الشكل ، كما بلغ عدد المصابيح 2411 مصباحاً ، موزعة على الأعمدة والصحنين .


وتُعد التوسعة السعودية من أكبر التوسعات التي مرت على المسجد النبوي الشريف ،


إذ زيد في مساحة المسجد 6024 م2 ، وبلغت مساحة الدور المنزوعة الملكية 22955 م2 ، منها 6024 م2 أضيف للمسجد ، وخُصص الباقي البالغ 16931 م2 كميادين وشوارع حول المسجد النبوي .

وكان للمسجد أربعة مآذن في العهد العثماني فأزيلت اثنتان منها في أعمال التوسعة ، ثم أعيد بناؤهما على الطراز الحديث في التوسعة السعودية الأولى ، واحدة في الركن الشمالي الشرقي ، والأخرى في الركن الشمالي الغربية ، وارتفاع كل منهما 72 م2 .



كما شملت التوسعة السعودية الأولى إضافة خمسة أبواب ، هي :


1- باب الملك عبد العزيز في الجدار الشرقي وهو ثلاثة أبواب متجاورة .


2- باب عثمان بن عفان ـ رضي الله عنه ـ في الركن الشمالي الشرقي .


3- باب المجيدي في وسط الجدار الشمالي الشرقي .



4- باب عمر بن الخطاب ـ رضي الله عنه ـ في الركن الشمالي الغربي .


5- باب سعود في الجدرا الغربي ، وهو عبارة عن ثلاثة أبواب كبيرة .



وتمت التوسعة السعودية الأولى للحرم النبوي في عام خمسة وسبعين وثلاثمائة وألف من الهجرة .


ثامناً :


توسعة خادم الحرمين الشريفين للحرم المدني :


ففي عام ثلاثة وأربعمائة وألف هجرية زار خادم الحرمين الشريفين مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلاحظ أن الوافدين يزداد بصورة متوالية ، وأن المسجد يضيق بهم ، وكثير منهم يُصلي في الساحات حول المسجد .



وفي عام 1405 هجرية


زار خادم الحرمين الشريفين المدينة فوضع خلالها أساس المشروع العملاق لتوسعة شاملة وكاملة .


فلقي المشروع اهتماماً خاصاً من الملك فهد ، الذي حرص على تأكيده بزياراته السنوية للمدينة ، على ساكنها أفضل الصلاة والسلام ، و تشتمل في مجملها على :



أولاً :


أعمال توسعة المسجد النبوي .



ثانياً :


تحسين الساحات المحيطة بالحرم النبوي الشريف ، وتشمل : الطريق الدائري الأول ويتفرع منه طريق باب السلام ،وتقاطعات الطريق الدائري الثاني .



توسعة الحرم المدني :


ففيما يختص بتوسعة الحرم المدني فإن هذه المرحلة تشتمل على :


مبنى التوسعة الرئيسي ،


وهو المبنى الذي وضع أساسه خادم الحرمين الشريفين في عام خمسة وأربعمائة وألف هجرية ، وهو يمثل امتداداً إضافياً إلى بناء المسجد الأساسي ، فيحيط ويتصل به من الشمال والشرق والغرب بمساحة قدرها 82.000م2 ، تستوعب 137.000 مُصلّ ، وتمثل هذه المساحة أكثر من خمسة أضعاف مساحة المسجد الأساسي ، وبذلك أصبحت مساحة المسجد الإجمالية بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين 98.500 م2 ، تستوعب 167.000 مصلّ ، تضاف إليها مساحة سطح المسجد المغطى بالرخام على مساحة 67000 م2 ، تستوعب هذه المساحة 90.000 مُصلّ ن وبذلك يتسع المسجد النبوي لأكثر من 250.000 مُصلّ ضمن مساحة إجمالية قدرها 165.500 م2 وعليه أصبحت الطاقة الاستيعابية للمسجد من الداخل والأسطح بعد التوسعة ما يقارب مليون مُصلّ في الأوقات الاضطرارية .



وقد تطلب إنجاز مشروع خادم الحرمين الشريفين نزع ما مساحته أكثر من 100.000 م2 ، من ملكيات الأراضي المجاورة للحرم ، وبلغت التكلفة الإجمالية للمشروع 30.000 مليار ريال سعودي .


ويدخل ضمن هذه المرحلة من التوسعة أعمال القباب المتحركة ، البالغ عددها 27 قبَّة ، لها خاصية الانزلاق على مجار حديدية مثّبتة فوق سطح التوسعة ، ويبلغ نصف القطر الداخلي للقبة قرابة 7 أمتار ، وبارتفاع 4 أ/تار .


كما أن هناك منطقة الحصوات المكشوفة داخل صحن المسجد الأساسي ، الذي تم فيه نصب 12 مظلة متحركة تفتح وتغلق كهربائياً ، مما يتيح الاستفادة من التهوية الطبيعية عندما تسمح حالة الطقس بذلك .


كما شملت هذه التوسعة أيضاً سبعة مداخل رئيسية بالجهات الشمالية والشرقية والغربية ، إضافة إلى مدخلين رئيسين من الجهة الجنوبي ، ويتألف كل منهما من بوابتين ، هذا بالإضافة إلى ستة بوابات جانبية ، وبذلك أصبح إجمالي البوابات 65 بوابة .



هذا وتضاف إلى بوابات المدخل السلالم المتحركة التي تخدم سطح المسجد جنباً إلى جنب مع سلَّم داخلي ، فضلاً عن سلالم الخدمة . وتعتمد الحركة داخل الحرم النبوي على مجموعة من السلالم الكهربائية ، والتي بلغ عددها 18 سُلَّماً .


أما المدخل الرئيسي للتوسعة فهو باب الملك فهد بن عبد العزيز ، ويقع في وسط الناحية الشمالية ، تعلوه سبعة قباب ، وتحدّه من كل جانب مئذنة ، وبذلك يكون للمسجد بعد توسعة خادم الحرمين الشريفين 10 مآذن ، 6 مآذن من التوسعة الجديدة بارتفاع كل منها 105 أمتار بزيادة 33 متراً عن ارتفاع المآذن الموجودة سابقاً في المبنى الأساسي .


ويمكن القول أن هذه المآذن ، وارتفاعها الحالي تُعد أعلى المآذن في العالم الإسلامي منها اثنتان في البناء العثماني ، واثنتان في بناء التوسعة السعودية الأولى ، و 6 مآذن بتوسعة خادم الحرمين الشريفين الكبرى ، ولكل مئذنة من المآذن السعودية ثلاثة شرفات ، وتنتهي بشبه قبة محمولة على أعمدة ، تعلوها ثلاث تفاحات ويتوجّها هلال .


كما بلغ عدد الأعمدة 2104 عموداً بقطر 64 سم ، والارتفاع من منسوب الطابق الأرضي وحتى نقطة بداية القوس 5.6 متراًً ، وتتباعد الأعمدة عن بعضها مسافة 6 أمتار ، أو 18 متراً لتشكل أروقة وأفنية داخلية تنسجم مع الإطار العام للتوسعة ، وغُطيت هذه الأعمدة بالرخام الملون الناصع بدلاً من الدهان الأبيض .


وطعمت منشآت التوسعة الداخلية بأعمال الزخرفة ، التي تتمشى مع زخارف التوسعة السعودية الأولى لإبراز الجانب الجمالي في الفن المعماري الإسلامي ، وتشمل الكرانيش وأعمال الحديد المشغول كالمشربيات ، والشبابيك الخشبية المطعمة بالنحاس ، وتيجان الأعمدة والثريات المطلية بالذهب ، وأعمال الرخام المزخرف المستدير مع تجاويف خاصة في كل عمود لوضع المصاحف الشريفة ، وفتحتان بالقواعد لإخراج الهواء المكيف ، كما شملت أيضاً أعمال التكسية بالرخام والزخرفة المداخل والواجهات والأعمدة الخارجية .


وتشف مجموعة من أنظمة التحكم الآلي على إضاءة الحرم ، والتحكم في الصوت ، بالإضافة إلى نظام تلفزيوني ذو دوائر مغلقة يغطي جميع أجزاء المسجد والساحات الخارجية ، مع نظام إنارة للطواريء ومراقبة درجة التلو ، وأنظمة كشف لمكافحة الحريق ، وغرف خاصة للوحات المفاتيح ولتركيبات الإنارة وشبكات التوزيع .


كما شملت هذه المرحلة الأعمال الميكانيكية الخاصة بمياه الشرب المبرد ، ومواسير صرف مياه الأمطار ، والصرف الصحي ، والتهوية في الأدوار السفلية ، مع أنفاق لتلطيف الالهواء ، الذي يُعد مشروعه من أكبر المشاريع في العالم ، حيث تمر مواسير التبريد عبر نفق خدمات بطول سبعة كيلو مترات يصل بين المحطة المركزية وداخل الحرم .


محطة خدمات التبريد :


تم إنشاء محطة لخدمات التكييف على موقع مساحته 70.000 م2 ، أبعاد ( 250 ، 200 ) متر ، وذلك لتأمين تكييف هواء المسجد النبوي الشريف .


نفق الخدمات :


يتم عن طريق نفق الخدمات نقل المياه المبردة من محطة التبريد إلى قبو المسجد ، وهو على شكل عبَّارة خرسانية مسلحة ، بارتفاع داخلي ( 4.1 م ) وعرض ( 6.2 م ) وطول 7 كيلو مترات ، ويحتوي هذا النفق على أنبوبتين لنقل المياه المبردة قطر كل منهما 90 سم .


الساحات المحيطة بالحرم النبوي :


يهدف هذا الجزء من مشروع خادم الحرمين الشريفين إلى تحقيق أفضل استفادة ممكنة من الساحات المحيطة بالحرم ، وربطها بشكل مناسب ببقية أجزاء التوسعة الأخرى ، وتهيئتها للصلاة في أوقات الازدحام وحسب الحاجة .


بلغت مساحة هذه الساحات 235.000 م2 ، غُ"يت أراضيها بالرخام والجرانيت ويزخارف ملونة ، وأشكال هندسية إسلامية ، فبلغت المساحة المخصصة للصلاة منها 135.000 م2 ، تستوعب قرابة ربع مليون مصلّ ، ويرتفع عددهم إلى 400.000 مصلّ في حالة استعمال كافة المساحات للمسجد والساحات المحيطة به ، بحيث يستوعب ما يقارب من مليون مصلّ في أوقات الازدحام ، وتتضمن هذه الساحات مداخل للميضات .



وتم تزويد المشروع بشبكة متكاملة لتوزيع المياه والصرف الصحي ، لتكون كافية لخدمة أكبر عدد من روّاد الحرم ، كما شمل المشروع أيضاً نظاماً لتصريف مياه الأمطار إضافة إلى نظام متكامل للأمان والإنذار والوقاية من الحرائق ، صمم على مستوى عال لمقاومة الدخان والحريق عن طريق رشاشات المياه التلقائية المزودة بالمياه بمحطة ضخ خاصة ، تستخدم حوالي 370 مضخة و 290 خزاناً للمياه ، وأكثر من 15.000 رشاش تلقائي .


وتدخل أعمال الطرق المؤدية إلى الحرم ، وأبرز هذه الطرق طريق باب السلام ، وهو طريق سريع مزدوج بطول 6 كيلو مترات ، وبعرض 64 متراً ، ويضاف إليها 18 متراً طولياً عند تقاطعه مع الطريق الدائري الثاني ،


والغرض من هذا الطريق توفير خدمة سريعة لزائري الحرم الشريف بالإضافة إلى المسارات الرئيسية بالاتجاهين ، هناك ثلاثة مسارات بكل اتجاه في طريق الخدمة الجانبية ، ويربط هذا الطريق بين مدينة الحجاج غرب المدينة المنورة والحرم المدني الشريف قرب مدخل باب السلام ، وهناك مشآت حيوية مساندة لهذا الطريق مثل الكباري والجسور .